المرأة السورية- قلب سوريا النابض وصانعة التاريخ

المؤلف: هيلة المشوح10.21.2025
المرأة السورية- قلب سوريا النابض وصانعة التاريخ

لقد استرعى انتباهي تصريح وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، وذلك عقب الضجة التي أثيرت حول مسألة المصافحة اليدوية مع مسؤولين من الحكومة السورية الجديدة في دمشق، وعلى رأسهم أحمد الشرع. وفي معرض توضيحها لهذه المسألة، صرحت الوزيرة قائلة: "إن قضية حقوق المرأة ليست مجرد قضية تخص المرأة فحسب، بل إنها مؤشر حقيقي على مستوى الحرية والتقدم في المجتمع ككل". وبغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع رأي الوزيرة، أو حتى مع أهمية المصافحة في البروتوكولات الدبلوماسية، فإن الواقع السوري المعاصر لا يمكن أن يكون بمنأى عن التوجهات العالمية المتسارعة نحو بناء عالم أكثر تحضرًا وإنسانية، عالم يقوم على الشراكة الحقيقية بين مختلف الطوائف والأعراق، وكذلك بين الجنسين على حد سواء.

في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ سوريا، وتأكيدًا على الدور المحوري للمرأة السورية وإسهاماتها عبر التاريخ القديم والمعاصر، يصبح من الضروري إلقاء الضوء على بعض الشخصيات النسائية البارزة، والتأكيد على استحقاق المرأة السورية للتمكين، وتعزيز مكانتها، وإشراكها الفعال في بناء الدولة الجديدة. فسورية ليست مجرد بقعة جغرافية ذات أهمية استراتيجية على الخريطة العالمية، بل هي مهد لحضارة عريقة وتاريخ زاخر بالأحداث السياسية والاجتماعية الهامة. إنها منبع للعلم والأدب، وكنز دفين للإرث الثقافي والفني. لقد سجلت المرأة السورية بصمات مضيئة في تاريخ الأدب العربي والثقافة والعلوم، بدءًا من رائدات مثل نازك العبد، وسلمى الحفار الكزبري، وأميرة الحسيني. ولعل من أبرز العوامل التي ساهمت في استمرار الإبداع الأدبي النسائي في سوريا هو وجود نخبة من الأديبات والشاعرات اللاتي وضعن أسس الأدب النسوي منذ ما يزيد عن ستة عقود، مثل غادة السمان، وكوليت خوري، وليلى بعلبكي، وقمر كيلاني، وألفت الإدلبي، وجورجيا حنوش. وهل يمكن لأحد أن يتجاهل اسمًا لامعًا مثل شهلا العجيلي، صاحبة الرواية الشهيرة "صيف مع العدو"، أو رواية "ألماس ونساء" للروائية القديرة لينا هويان الحسن؟

وعلى خشبة الفن والمسرح والغناء، تتربع أسماء لامعة في سماء الإبداع، مثل منى واصف، سيدة الدراما السورية، ونجاح حفيظ، وصباح جزائري، وصاحبة الصوت الملائكي اسمهان، ونورهان، وميادة، بالإضافة إلى نجمات الدراما المتألقات في الوقت الحالي، مثل سلافة معمار، ويارا صبري، وغيرهن الكثيرات.

إن ما ذكر آنفًا هو مجرد نبذة خاطفة في بحر زاخر بالأسماء والإنجازات، وأؤكد أن صفحات التاريخ تحتضن العديد من صانعات المجد السوري، سواء في المجال الاجتماعي، أو الأدبي، أو الفني، أو حتى في النضال السياسي ضد الظلم والاستبداد وقسوة السجون والمعتقلات. وهنا يجب أن نسجل للتاريخ وقفة إجلال وإكبار للمرأة السورية، التي تحملت على عاتقها أعباء عقد ونيف من الألم والمعاناة، وشظف العيش، والفقدان، والحروب، والترويع. فحفيدات زنوبيا يستحققن حياة كريمة، وهن أَوْلى النساء بالتكريم والتمكين. فإذا لم تنصفهن السياسة، فإن ضمير العالم أجمع سينصفهن، والتاريخ لن يغفل عن دورهن العظيم وإسهاماتهن الجليلة!

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة